أعطيت القوس باريها/ عصمت الأيّوبي

أستاذ جامعي وأديب 

السندباد مسافر إلى بغداد، إلى بلد الرشيد، ومنارة المجد التليد.
هوذا الشاعر شربل بعيني يتوثّب، يستعد، يتهيّأ، يخاف، يتهيّب، لأنه ليس في زيارة عادية.
إنه على موعد مع مهرجانات المربد الشعريّة.
والدعوة، وان كانت باسم شربل بعيني، إلا أنها لا تعنيه وحده. إنها تعني جميع أبناء الجالية العربية في هذه القارة. وبالأحرى، فإنها موجهة إلى أدبنا المهجري في الصميم. إلى كرامتنا القومية. إلى حركتنا الثقافية في هذه البلاد.
لأن شربل بعيني هو ابن هذه الجالية البار، الغيور على سمعتها، والحريص على سيرتها. يشاركها الفرح، ويقاسمها الترح، ويتفاعل معها في السرّاء والضرّاء على السواء. وليست دعوته الى مهرجانات المربد إلا انتزاعاً لاحترامنا، واعترافاً بالمستوى الذي بلغه أدبنا المهجري على يد هذا الشاب المفعم بالاخلاص والحماسة، وأمثاله من الأدباء والشعراء.
وفخر واعتزاز لنا ووسام تقدير، كوننا كلنا شربل، وكون شربل في قلب كل واحد منّا، يتمثّل إحساسنا، وينطق بلساننا، ويعبّر عن أفكارنا. نزكّي قوله سلفاً والضوء أمامه أخضر أخضر.
لكن شربل خائف من السفر، لا لأي سبب، ولأكبر سبب. فقد صارحنا منذ أيام عدة إنه يخشى ركوب الطائرة كثيراً كثيراً، وانه يطير النوم من عينيه كلما لمعت برأسه فكرة السفر، وان ركبتيه ترتجفان كلما أتى على سيرة الطائرة الملعونة.
باختصار، مكره أخوك لا بطل..
لا، يا أخي شربل، لا تخف، سر وقمر لك، فمن طلب عظيماً خاطر بعظيم، وإما هلك وإما ملك.
لا يجوز يا أخي أن نشتهي ونشتكي، فأنت في مهمة تاريخية جديرة بالمجازفة. أما سمعت انه من شهوة التمر يمصّ النّوى؟
ان لكل عود عصارة، وعصارة عودك يجب أن تكون طيباً زكياً، يضمّخ به جبين جاليتنا الكريمة، وجبين أدبنا المهجري.
فإذا ضربت فأوجع، وإذا زجرت فأسمع، ودع عنا مقولة الجبناء: ويل للرأس من اللسان. واعلم بأن الإجماع ليس بمستطاع، وان ما ينفع الكبد يضر الطحال.
أعطيت القوس باريها.
على الطائر الميمون يا شربل..
لبنان في شريل.. شربل في المربد.. ونحن في الانتظار، والله الموفق.
النهار، العدد 565، 12/11/1987
**