رباعيات/ موريس عبيد

شاعر وإعلامي مهجري

الشعر نفحة علوية تعبّر عن خلجات الترابيين في الفرح والاغتباط، في الوجع والألم.
والشاعر هو ذلك المخلوق الغريب عن دنياه، يتميّز عن آلة التلفزة بأنه يلتقط الصور الجامدة، فيعجنها بالدمع والسهر والشوق، مازجاً بين الواقع والخيال، وينقلها عبر نبضات قلبه، وارتعاشات روحه، إلى أبناء جنسه، أولئك الذين يثورون على الرتابة في الحياة، ويودونها متحركة.
فشربل بعيني هذا الشاعر الانسان الغزير العطاء المرهف الحس، شاءه الله ان يكون المترجم الامين والناقل الصادق روعة كونه الصغير الى المجتمع الذي ترعرع وعاش في صميمه.
في وطن الأرز تتبعنا شربل، فرأيناه يترع القطر فيمتلك الدائرة.
كان يلهث، فتتفجّر البراكين، ويتأوّه، فتسمع للريح عويلاً.
يحب.. فتختلط الملائك بالشياطين، وإذا اكتأب، تساقطت مواسم الأعياد كأوراق أيلول، وتلوَّت السواقي وجعاً وأنيناً.
وفي غربته، تراه يمضغ شجونه، ويأكل ذاته، وفي أعماقه يتعالى صراخ الشوق الى الأهل، الى الربوع، الى الوطن الحبيب.
شربل لا يخاف الكلمة، بل يعجنها، ويصقلها، لتأتي طواعة بين يديه، فيسخرها لغايته، التي هي غاية الشعر في النتيجة.
في غربته، عرفت شربل يسهر القافية، ويمج الليل، ويغلي على نار الشوق الفجر الرصاصي، ليسكبه في قالب الوزن، فيتحوّل الى قصيدة.
قارورة الشعر الاغترابي تبقى ناقصة دون شعر شربل، دمعات الرحيل لا تحكي، وغصة الفراق لا تسمع طقطقتها من حلق.
رباعياته تمتاز بالجرأة والقفز فوق المعقول. تتناول جوانب الحياة بعنفوان وكبر. تنقد، فتأتي بالصالح، وتطرح الطالح جانباً.
ينام شربل وفي عينيه قافية، ويفيق وفي بؤبؤ الثانية رباعية، إنه المتأرّق دائماً وأبداً، ينام ولا يرتاح، إنه ابن الشعر، إنه إبن الأرق.
مقدمة رباعيات، الطبعة الثانية
**